تنزه الزهراء ( ع ) عن الطمث والنفاس
--------------------------------------------------------------------------------
تنزه الزهراء ( ع ) عن الطمث والنفاس
يقول البعض : إن عدم رؤية السيدة الزهراء للعادة الشهرية يعتبر حالة مرضية تحتاج إلى العلاج ؟ أو هي على الأقل حالة نقص في
أنوثتها وفي شخصيتها كامرأة ، ولا يمكن عدها من كراماتها وفضائلها ، وكذا الحال بالنسبة للنفاس . بل يصف هذا البعض القول بتنزه الزهراء عن الطمث والنفاس بأنه من السخافات .
ونقول :
أولا : قد يحدث لبعض النساء - وإن كان ذلك قليلا - أن لا ترى دما حين الولادة ، أو ترى شيئا يسيرا منه ، ولا يعد ذلك نقصا في أنوثتها وشخصيتها كامرأة .
وأما بالنسبة لتنزه الزهراء ( ع ) عن العادة الشهرية ، فإننا نقول : إن الخروج عن مضائق الطبيعة لا يعد نقصا ، بل هو كرامة وفضل ، ككرامة مريم عليها السلام حيث حملت بعيسى ( ع ) ولم يمسسها بشر ، وزوجة إبراهيم ( ع ) أيضا قد حملت وهي عجوز ، وحملت زوجة زكريا ( ع ) وهي عاقر .
وأمثال ذلك من الكرامات وخوارق العادات كثير . . وإن تنزه الزهراء ( ع ) عن ذلك يشير إلى علو مقامها ، وإلى خصوصية تميزها عن كل من سواها ، ما دام أن المحيض من الأذى ، كما قال سبحانه ( 1 ) .
وحصول هذا الأذى للمرأة يجعلها في حرج وفي وضع نفسي وجسدي غير طبيعي . إنه اعتلال للمرأة ، كما في بعض الروايات ،
( 1 ) قال تعالى : * ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ ) * سورة البقرة : 222 . ( * )
وحالة مرضية لها - كما يذكره الأطباء في أبحاثهم حول هذا الموضوع - وهو يقعدها عن الصوم ، وعن الصلاة ، ويمنعها من الدخول إلى المساجد ، وما إلى ذلك من أمور تشير إلى أن المرأة ليست في وضع يمكنها من أن تعيش الأجواء الروحية بكل حيويتها ، وصفائها ، ونقائها ، وقوتها . . إن هذا الحدث المستمر الذي لا يرفعه وضوء ولا غسل ولا تيمم ، إلى أن يرتفع هو بنفسه ويزول .
قد نزه الله عنه سيدة النساء التي طهرها الله من الرجس تطهيرا ، إكراما لها ، وحرصا على تأكيد تميزها عن كل من عداها ، وتخصيصها من الله سبحانه بفضيلة وكرامة ، دون أن يكون في ذلك أي تغيير في طبيعتها الأنثوية ، والله تعالى هو مسبب الأسباب ، وهو القادر على أن يتجاوز قانون العلية والتسبيب ، لا بالخروج عنه وتحطيمه ، وإنما بقانون العلية نفسه ، حيث إنه تعالى يوجد حتى معجزات الأنبياء ، بواسطة أسباب وعلل لها ، استأثر بعلمه بها ، في حين أن البشر لم يطلعوا عليها ، ولا هي معهودة لديهم ، وهذا هو معنى خرق العادة الذي يتحدثون عنه في موضوع المعجزات والخوارق . ولعل ذلك أظهر من أن يحتاج إلى مزيد بيان ، أو إلى إقامة دليل أو برهان .
ثانيا : إن اعتبار القول بتنزيه الزهراء عن الحيض والنفاس من السخف غير مقبول ممن يتعبد ويعمل بأقوال النبي ( ص ) ، بل والأئمة ( ع ) لأن كل ما يقوله النبي ( ص ) والأئمة الطاهرون ( ع ) لا يمكن أن يكون سخيفا على الإطلاق ، ولا غير نافع لمن علمه .
وقد روي ذلك التنزه من طرق الشيعة والسنة عن رسول الله ( ص ) وعن الأئمة الطاهرين في نصوص كثيرة ، تخرج عن حد الاستفاضة لتصل إلى حد التواتر ، وهي تدل على أن الله سبحانه قد نزه الزهراء عليها السلام عن رؤية دم الحيض والنفاس .
ونذكر من هذه الروايات ما يلي :
1 - عن النبي ( ص ) : إنما سميت فاطمة " البتول " لأنها تبتلت من الحيض والنفاس ( 1 ) .
2 - وعنه ( ص ) : أن ابنتي فاطمة حوراء لم تحض ، ولم تطمث ( 2 ) .
3 - وروى الصدوق بسنده عن عمر بن علي ( ع ) عن أبيه علي ( ع ) : أن النبي ( ص ) سئل ما البتول ؟ ! فإنا سمعناك يا رسول الله تقول : إن مريم بتول ، وفاطمة بتول ؟ قال : البتول التي لن ( لم ) تر حمرة قط - أي لم تحض - فإن الحيض مكروه في بنات الأنبياء ( 3 ) .
( 1 ) ينابيع المودة : ص 260 وإحقاق الحق ( الملحقات ) : ج 10 ص 25 عنه وعن مودة القربى : ص 103 .
( 2 ) ذخائر العقبى ص 26 وشرح بهجة المحافل ج 2 ص 138 . وراجع : عوالم العلوم : ج 11 ص 54 وفي هامشه عن : تاريخ بغداد : ج 12 ص 331 وعن كنز العمال : ج 12 ص 109 ح 3426 وعن مصادر كثيرة أخرى ، وإسعاف الراغبين ومطبوع بهامش نور الأبصار : ص 173 .
( 3 ) معاني الأخبار : ص 64 ومناقب آل أبي طالب : ج 3 ص 330 عن أبي صالح المؤذن في الأربعين وتاج المواليد : ص 20 وكشف الغمة : ج 2 ص 90 والبحار ج 43 ص 16 / 15 راجع : ج 78 ص 112 عنهما ، وينابيع المودة : ص 260 ومستدرك الوسائل : ج 2 ص 37 . وعلل الشرائع : ج 1 ص 181 وعن مصباح الأنوار : ص 223 ومصباح الكفعمي : ص 659 وروضة الواعظين : ص 149 =>
4 - وروى القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن العباس بن بكار ، عن عبد الله بن المثنى ، عن عمه ثمامة بن عبد الله ، عن أنس بن مالك ، عن أمه ، قالت ما رأت فاطمة دما في حيض ، ولا في نفاس ( 1 ) .
5 - وروي عن أبي جعفر عن آبائه ( ع ) : أنها عليها السلام إنما سميت " الطاهرة " لعدة أمور ، ومنها : " وما رأت قط يوما حمرة ولا نفاسا " ( 2 ) .
6 - الصادق عليه السلام : تدري أي شئ تفسير فاطمة ؟ ! قال : فطمت من الشر ، ويقال : إنما سميت فاطمة لأنها فطمت من الطمث ( 3 ) .
7 - وقال ( ص ) لعائشة : يا حميراء ، إن فاطمة ليست كنساء الآدميين ، لا تعتل كما تعتلن وفي لفظ آخر : كما يعتللن ( 4 ) .
8 - وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : حرم الله النساء
=> ودلائل الإمامة : ص 55 والروضة الفيحاء في تواريخ النساء : ص 252 وحبيب السير : ج 1 ص 433 وضياء العالمين " مخطوط " : ج 2 ق 3 ص 7 وإحقاق الحق : ج 10 ص 25 و 310 و ج 19 ص 11 عن مصادر أخرى والعوالم : ج 1 ص 641 وراجع : إعلام الورى : ص 148 . ( 1 ) الأمالي للصدوق : ص 154 والبحار : ج 43 ص 21 وراجع : العوالم : ج 11 ص 153 وفي هامشه عن العديد من المصادر.
( 2 ) البحار : ج 43 ص 19 عن مصباح الأنوار وعوالم العلوم : ج 11 ص 66 .
( 3 ) مناقب آل أبي طالب : ج 3 ص 330 ، والبحار : ج 43 ص 16 .
( 4 ) المصدران السابقان ومجمع الزوائد : ج 9 ص 202 عن الطبراني وإعلام الورى : ص 148 ومرآة العقول : ج 5 ص 345 والطرائف : ص 111 والعوالم ( قسم حياة الزهراء ) : ص 64 وضياء العالمين " مخطوط " : ج 2 ق 4 ص 7 . ( * )
على علي ( ع ) ما دامت فاطمة حية ، لأنها طاهرة لا تحيض ( 1 ) . ولصاحب البحار شيخ الإسلام العالمة المجلسي الثاني كلام جيد يتعلق بهذا الأمر فليراجع . . ثمة .
9 - عن عائشة قالت : إذا أقبلت فاطمة كانت مشيتها مشية رسول الله ( ص ) : وكانت لا تحيض قط ، لأنها خلقت من تفاحة الجنة ( 2 ) .
10 - وفي دلائل الإمامة بأسناده عن أسماء بنت عميس ، قالت : قال لي رسول الله ، وقد كنت شهدت فاطمة ، وقد ولدت بعض ولدها فلم نر لها دما ، فقلت يا رسول الله ( ص ) : إن فاطمة ولدت ولم نر لها دما ؟ فقال رسول الله ( ص ) : يا ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ إن فاطمة خست حورية إنسية ( 3 ) .
11 - وعن علي عليه السلام قال رسول الله ( ص ) إن فاطمة
( 1 ) راجع : مقتل الحسين للخوارزمي : ج 1 ص 64 ومناقب آل أبي طالب : ج 3 ص 330 والبحار : ج 43 ص 16 و 153 عنه وعن أمالى الطوسي : ج ؟ ص 42 ومستدرك الوسائل : ج 2 ص 42 . وراجع : التهذيب : ج 7 ص 475 وبشارة المصطفى : ص 306 وراجع : عوالم العلوم ج 11 ص 3870 66 . وضياء العالمين " مخطوط " : ج 2 ق 3 ص 7 . .
( 2 ) أخبار الدول : ص 87 ط بغداد على ما في إحقاق الحق ( ملحقات ) : ج 10 ص 244 . وراجع : عوالم العلوم : ج ؟ ؟ ؟ ص 60 .
( 3 ) دلائل الإمامة : ص 53 و 55 والبحار : ج 78 ص 112 وراجع ج 43 ص 7 عن كشف الغمة . ( * )
خلقت حورية في صورة أنسية ، وإن بنات الأنبياء لا يحضن ( 1 ) .
12 - وفي رواية عن أبي جعفر : " فسماها فاطمة ، ثم قال : إني فطمتك بالعلم ، وفطمتك عن الطمث " ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : والله ، لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم ، وعن الطمث بالميثاق ( 2 ) . وقد وصف المجلسي الأول هذا الخبر بالقوي ( 3 ) .
13 - وروى الصدوق رحمه الله عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم عن أبي جميلة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إن بنات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لا يطمثن إنما الطمث عقوبة الخ . . ( 4 ) .
14 - وعن أبي عبد الله ( ع ) قال : إن بنات الأنبياء لا يحضن ( 5 ) .
15 - قال السيوطي : " من خصائص فاطمة ( ع ) أنها كانت لا
( 1 ) دلائل الإمامة : ص 52 ، والبحار ج 78 ص 112 ومستدرك الوسائل : ج 2 ص 37 .
( 2 ) البحار : ج 43 ص 13 عن مصباح الأنوار وكشف الغمة : ج 2 ص 89 . وعلل الشرائع : ص 179 وعوالم العلوم : ج 11 ص 55 وفي هامشه عن المصادر التالية : الكافي : ج 1 ص 46 والمحتضر : ص 132 و 138 والمختصر : ص 172 و 218 وغير ذلك .
( 3 ) روضة المتقين : ج 5 ص 349 .
( 4 ) علل الشرائع : ج 1 ص 290 ح 1 والبحار : ج 43 ص 25 و ج 12 ص 107 و ج 81 ص 81 . وعوالم العلوم : ج 11 ص 153 ومستدرك الوسائل : ج 2 ص 38 .
( 5 ) الخرائج والجرائح : ج 2 ص 527 . ( * )
تحيض " ( 1 ) .
16 - وقال الصبان : " سميت الزهراء أي الطاهرة ، فإنها لم تر لها دما في حيض ولا في ولادة " ( 2 ) .
17 - وروي في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله قال : وسميت فاطمة بتولا ، لأنها تبتلت وتقطعت عما هو معتاد العورات في كل شهر الخ . . ( 3 ) .
18 - عن أسماء بنت عميس ، قالت : قبلت فاطمة عليها السلام ، فلم أر لها دما ، فقلت : يا رسول الله ، إني لم أر لفاطمة دما في حيض ولا نفاس . فقال لها رسول الله ( ص ) : أما علمت أن ابنتي طاهرة مطهرة لا يرى لها دم في طمث ، ولا في ولادة ( 4 ) .
19 - وقال في عمدة الأخبار : مولد الحسن بن علي عليه السلام في منتصف رمضان ، وعلقت أمه بالحسين عليه السلام عقب الولادة بالحسن عليه السلام ، لأن فاطمة عليها السلام لا ترى طمثا
( 1 ) إحقاق الحق ( الملحقات ) : ج 10 ص 309 عن الشرف المؤبد السيوطي وراجع : عوالم العلوم : ج 11 ص 63 .
( 2 ) راجع : إسعاف الراغبين ( مطبوع بهامش نور الأبصار ) : ص 172 ، ونسب ذلك إلى المحب الطبري ، وإلى صاحب الفتاوى الظهيرية الحنفي .
( 3 ) إحقاق الحق : ج 10 ص 25 عن المناقب المرتضوية : ص 78 وعوالم العلوم : ج 11 ص 64 .
( 4 ) راجع : العوالم ( حياة الزهراء ) : ص 66 و 153 عن صحيفة الرضا ( ع ) وذخائر العقبى : ص 44 وإتحاف السائل : ص 90 وتاريخ الخميس : ج 1 ص 417 ونزهة المجالس : ج 2 ص 183 ، وضياء العالمين " مخطوط " : ج 2 ق 3 ص 7 . ( * )
ولا نفاسا ( 1 ) .
20 - وعن ابن عباس قال : قال رسول الله ( ص ) : إن ابنتي فاطمة حوراء ، إذ لم تحض ، ولم تطمث . قال المحب الطبري : الطمث ، الحيض ، وكرر لاختلاف اللفظ ( 2 ) .
21 - وفي الصحيح : عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن عليه السلام ، قال : إن فاطمة صديقة شهيدة ، وإن بنات الأنبياء لا يطمثن ( 3 ) .
22 - عن أنس بن مالك ، عن أم سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري : أنها قالت : لم تر فاطمة ( ع ) دما قط في حيض ولا نفاس ، وكانت من ماء الجنة ، وذلك إن رسول الله ( ص ) لما أسري به دخل الجنة ، وأكل من فاكهة الجنة ، وشرب من ماء الجنة " رواه أيضا عن النبي " ( 4 ) .
23 - وقد روي عنهم عليهم السلام : أن سبيل أمهات الأئمة عليهم السلام سبيل فاطمة عليها السلام في ارتفاع الحيض عنهن إلخ . . ( 5 ) .
24 - وعن النبي ( ص ) - مرسلا - أنه قال : إن فاطمة ليست كإحداكن ، إنها لا ترى دما في حيض ولا نفاس ، كالحورية ( 6 ) .
( 1 ) العوالم ( حياة الزهراء ) : ص 66 عن عمدة الأخبار : ص 349 .
( 2 ) ذخائر العقبى : ص 26 عن النسائي . وفرائد السمطين : ج 2 ص 48 وراجع تاريخ بغداد : ج 12 ص 331 .
( 3 ) روضة المتقين ) ج 5 ص 342 والكافي : ج 1 ص 458 .
( 4 ) إعلام الورى : ص 148 .
( 5 ) تاج المواليد للطبرسي ص 20 مطبوع ضمن مجموعة رسائل نفيسة ، انتشارات بصيرتي - قم - ايران .
( 6 ) رواه الصدوق في كتاب الفقيه باب غسل الحيض من كتاب الطهارة . ( * )
نسألكم الدعاء