سكينة بنت الحسين عليها السلام
--------------------------------------------------------------------------------
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
انقل لكمـ ما وجدته عن هذهـ السيده الجليله
شذرات من حياة عقيلة قريش السيدة سكينة بنت الحسين عليها السلام
نسبها
السيدة السكينة بنت الامام الحسين بن علي عليهما السلام سبط النبي (صلى الله وعليه وآله) وحبيبه الذي قال فيه (حسين مني وانا من حسين أحب الله من أحب حسينا) .
امها: الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبي.
كانت ولادتها: على رواية في عام 48 هـ
واختار لها أبوها الامام الحسين عليه السلام اسم (آمنة) على أسم جدتها ام النبي (ص) ثم لقبتها امها بسكينة (وذلك لان نفوس أهلها واسرتها كانت تسكن إليها من فرط فرحها ومرحها وحيويتها، كما قيل عن سبب ذلك أيضاً ما لاح منها وهي طفلة من أمارات الهدوء والسكينة وقد غلب هذا اللقب على اسمها الحقيقي آمنة)(1).
كانت السيدة سكينة سيدة نساء عصرها وعقيلة قريش، ذات بيان وفصاحه وذكاء، ولها السيرة الجميلة والكرم الوافر، متصفة بنبل الفعال وجميل الخصال وطيب الشمائل، وكان ذات عبادة وزهد ويقال بانها كلما كبرت في سنها من بعد مولدها كلما كانت تزداد تأداً مع الله ومع نفسها ومع الآخرين.
فضلها
:لقد نشأت السيدة سكينة عليها السلام وتربت في البيت النبوي في أحضان والدتها الرباب واشراف أبيها الامام الحسين عليه السلام فتشربت مبدئيات واخلاقيات الرساليات الداعيات من بيت النبوة محتذية بقدوة النساء بعد الزهراء عليها السلام السيدة زينب عليها السلام ومما جاء في فضلها ومكانتها ان الامام الحسين عليه السلام كان يحب فتاته سكينة ولما رأى الأهل يلاحظون عليه ذلك أنشدهم
لعمرك انني لاحب داراً=تحل بها سكينة والرباب
احبهما وابذل جل مالي=وليس للأمي فيها عتاب
ولست لهم وان عتبوا مطيعاً=حياتي أو يعليني التراب(2)
وروى السبط بن الجوزي عن سفيان الثوري قال:
أراد علي بن الحسين عليه السلام الخروج إلى الحج أو العمرة فاتخذت له اخته سكينة بن الحسين سفرة انفقت عليها الف درهم وارسلت بها إليه فلما كان بظهر الحرة امر بها ففرقت في الفقراء والمساكين(3).
ويقول المؤرخ ابن طولون:
قدمت دمشق مع أهلها ثم خرجت إلى المدينة وكانت من سادات النساء واهل الجود والفضل رضي الله عنها وعن أبيها(4).
زواجها:
من ظلامات هذه السيدة الجليلة هو ما افتري عليها من تعدد ازواجها حيث ذكر بعض المؤرخين ان أول من تزوجها وهو مصعب بن الزبير بن العوام (وقيل انه تزوجها قهراً لأنها لم ترض بذلك، ولكنه كان ذا سلطان فضيق عليها فكانت المصلحة في ذلك، فولدت له فاطمة)(5).
وبعد هلاك مصعب تزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام بن خويلد فولدت له عثمان ثم تزوجها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان اخو عمر بن عبد العزيز ثم فارقها قبل الدخول بها(6).
ثم تزوجها عمر بن عثمان بن عفان فأمر سليمان بن عبد الملك بطلاقها ففعل(7).
ولكن التتبع البسيط للتأريخ يسلط لنا الضوء على مدى التناقض والاضطراب في روايات تعدد ازواج السيدة سكينة حتى ان بعض المؤرخين بعد ان يسهب في ذكر ازواجها يعترف بوجود هذا الاضطراب في الروايات.
هذا والصحيح في مسألة زواج السيدة سكينة عليها السلام هو ما ذكره المرحوم السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم بان (علماء النسب والتاريخ يشهدون بأن زوجها الأول هو عبد الله الأكبر بن الامام الحسن المجتبى سيد شباب أهل الجنة ـ والذي لم تتزوج بغيره ـ وهو أخو القاسم، أمهما رملة، استشهد يوم الطف قبل القاسم)(
.
ويذكر السيد المقرم شواهد كثيرة تؤيد رأيه وتفند حديث تعدد ازواجها فراجع.
شعرها:
من الافتراءات التي ادعوها على هذه السيدة الجليلة ايضاً هي مجالستها للشعراء وعقدها لمجالس الطرب والشعر في بيتها، وتغزل بعض الشعراء بها بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك هتكاً لحرمة سليلة البيت النبوي حيث ذكروا ان لها أساليبها وفنونها في التأنق في الملبس وتصفيف الشعر (فتأخذ الصفات صورة (( المستغرقة في الله فما تصلح لرجل)) لتحيلها إلى صورة المفتونة بالدنيا المقبلة عليها المشاركة في تدعيم فتنتها حتى يتمهد الطريق ليصبح ـ فيما بعد ـ معقولاً، ان نرى سكينة وقد شغلت عن قضية الحسين عليه السلام لتنغمس حتى اذنيها في قضايا عمر بن ابي ربيعة الماجنة، أو نراها وقد انتزعت من اطار اخيها سراج الدنيا وجمال الإسلام علي زين العابدين لتصبح طرفا في نوادر أشعب الطفيلي الجشع، ومقابلات المغنية عزه الميلاء بل وناهية المغني بن سريج عن التوبة والاياب إلى حضيرة الورع الإسلامي!!)(9).
ويذكر أبو الفرج الاصفهاني في أغانيه الكثير من هذه الترهات البعيدة كل البعد عما ذكره المؤرخون من صفات هذه السيدة الكريمة وانقطاعها إلى الله سبحانه وتعالى ويرى بعض المحققين ان ما رواه ابو الفرج الاصفهاني عن أبي عبد الله الزبيري من أخبار الشعر واجتماع الشعراء في بيت سكينة في المفاخرة ليس المقصود منها سكينة بنت الامام الحسين عليه السلام بل هي سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير لأنه يروي في بعض مواضع كتابه الاغاني ان سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير كانت تجتمع مع عمر بن أبي ربيعة ومعها ابنة زوجة محمد بن مصعب بن الزبير وجاريتان يغنيان عندهم(10).
ويرى الاستاذ علي دخيل في كتابه (سكينة بنت الحسين) ان المقصود من التي ذكرها أبو الفرج الاصفهاني هي سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف ولكن عداوة الزبيري لأهل البيت صيرتها في سكينة عليها السلام خاصة وان ابيات شعر بن أبي ربيعة والتي ورد فيها ذكر سكينة انما هي موجودة في ديوانه باسم (سعيدة) وقصة ذكر الابيات موجودة فيه أيضاً(11).
وأخيراً: نقول ان هذا كله لا يتلائم مع ما ورد في الروايات من ان حالة الحزن لم تفارق أهل البيت بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام حيث قال الامام الصادق عليه السلام (ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين صلوات الله عليه)(12).
ولا يمكن ان يقال ان ما وصفت به سكينة عليها السلام قد حصل بعد مدة طويلة من حادثة عاشوراء لأن بن أبي ربيعة قد تاب سنة 62 هـ واذا كانت السيدة سكينة من ذوات الشعر فلما لم ينقل عنها الا ابيات معدودة في رثاء أبيها الحسين عليه السلام؟!
توفيت هذه السيدة الجليلة المظلومة:
في المدينة يوم الخميس لخمس خلون في شهر ربيع الأول سنة 117 هـ.